أمريكا بندقية للإيجار - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا بندقية للإيجار

نشر فى : الأربعاء 4 أبريل 2018 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 أبريل 2018 - 9:15 م

لم يكن أشد الناس تشاؤما من وصول «أول رئيس متحرش منتخب» إلى قمة السلطة فى الولايات المتحدة القوة العظمى فى العالم يتصور أن يأتى رئيس أمريكى ليعرض مواصلة قوات بلاده للقتال فى سوريا إذا ما كانت هناك دولة أو عدة دول مستعدة لدفع ثمن استمرار أمريكا فى القتال.

لكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خرج على العالم، الثلاثاء، ليقول إنه يفكر جديا فى سحب القوات الأمريكية من الأراضى السورية قريبا، على أساس أن الولايات المتحدة أنفقت حتى 3 أشهر مضت 7 تريليونات دولار على مدى 17 عاما فى الشرق الأوسط ولم تحصل على شىء «سوى الموت والدمار.. إنه لأمر فظيع.. لذلك فقد حان الوقت للانسحاب»، لكنه أشار إلى إمكانية بقاء هذه القوات إذا ما كانت هناك دولة مستعدة لدفع الثمن لواشنطن.

لقد اعتاد العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على التدخل العسكرى الأمريكى فى العديد من الصراعات الإقليمية والداخلية، بدءا من الحرب الكورية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وانتهاء بالحرب الأهلية فى سوريا، مرورا بحرب فيتنام وغزو أفغانستان وغزو العراق. وفى كل هذه الصراعات كانت الولايات المتحدة وقيادتها تتخذ قرار الدخول فى الصراع أو الانسحاب منه على أساس «المصالح العليا الأمريكية» وليس أبدا على أساس «مصالح الدول التى يمكنها أن تدفع لأمريكا مقابل استمرارها فى القتال» كما يريد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القادم من عالم تجارة العقارات وصالات القمار وبرامج تلفزيون الواقع.

ففى المؤتمر الصحفى الذى عقده ترامب فى «القاعة الشرقية» فى البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضى وفى حضور رؤساء 3 دول من جمهوريات البلطيق أعلن اعتزامه سحب القوات الأمريكية من سوريا وقال: «أريد أن أعيد قواتنا إلى ديارها. أريد أن أبدأ فى إعادة بناء أمتنا»، قبل أن يصل الرجل إلى هدفه الأهم وهو الحصول على مقابل بقاء القوات الأمريكية فى سوريا حيث قال: «السعودية مهتمة جدا بقرارنا (بشأن الوجود العسكرى فى سوريا). وقلت، حسنا، كما تعلمون فإذا كنتم تريدوننا أن نبقى فربما يتعين عليكم أن تدفعوا».

وهكذا بعد أن كانت أمريكا تستأجر الدول لخوض حروبها بالوكالة مقابل ما تقدمه واشنطن لهذه الدول من أموال، يبدو أننا سنرى أمريكا تحت قيادة ترامب وقد أصبحت «بندقية للإيجار» تحارب لصالح من يدفع لها.

الحقيقة أن موقف ترامب الحالى هو «التطور الطبيعى» لرؤية هذا الرجل الذى طالب قبل أكثر من عامين الدول التى تستضيف قواعد عسكرية أمريكية بدفع تكاليف هذه القواعد وقال إنه على «حلفاء وأصدقاء» أمريكا زيادة مساهمتهم فى نفقات التحالف كما هو الحال فى «حلف الناتو» الذى يضم الولايات المتحدة وكندا ودول غرب وشرق أوروبا.

خطورة تصريحات ومواقف ترامب الأخيرة هى أنها تكشف وبوضوح مخيف إلى أى مدى يتعامل رئيس أكبر اقتصاد وأكبر قوة عسكرية فى العالم مع قضايا الحروب والصراعات الإقليمية والأمن القومى والسلام الدولى بمنطق تجارى فج وبسيط تحت شعار «ادفع لكى أحارب لك أو ادفع لكى أحميك».
فقد اعتادت البشرية على استخدام القوة العسكرية لتحقيق المصالح العليا للدولة سواء كانت مصالح اقتصادية مباشرة أو مصالح سياسية أو عسكرية أو حتى للدفاع عن حلفائها وأصدقائها انطلاقا من حسابات المصالح العليا أيضا، ولكن لم يحدث لا فى التاريخ القديم ولا فى التاريخ الحديث أن جاءت دولة عظمى وأعلنت أن قواتها المسلحة مستعدة «للخدمة مقابل الثمن» كما يفعل ترامب.

أشرف البربرى

التعليقات