ليس هامشيًا! - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس هامشيًا!

نشر فى : الجمعة 2 ديسمبر 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 2 ديسمبر 2016 - 9:40 م
خلال شهر سبتمبر الماضى، أقام المعهد الملكى للشئون الدولية فى لندن، لقاء تحدث فيه وزير الخارجية عادل الجبير أمام جمع من المهتمين بشئون الشرق الأوسط وبعض الإعلاميين والطلاب. وبعد فتح باب النقاش للحضور، وجهت إحدى الطالبات السعوديات المبتعثات سؤالا للوزير حول أسباب ممانعة المملكة فى أن تقود المرأة السيارة؟ وكان رد الوزير (أنه لا يوجد قانون فى المملكة يمنع المرأة من قيادة السيارة، وأن المسألة قضية اجتماعية يتعين على المجتمع التعامل معها)!! بطبيعة الحال هو رد ليس فيه ما يقنع على الإطلاق، ولكن ماذا كان بيده أن يقول غير ذلك؟!
وبصرف النظر عن سوء تصرف تلك الفتاة، التى خانها التوفيق عندما تعمدت إثارة قضية محرجة للمملكة، فى مكان يغص بالإعلاميين وغيرهم من الأجانب، ما يهمنا هنا هو ذلك الرد المحفوظ الذى بات ينساب على شفة كل مسئول حين يواجه بالسؤال عن سبب منع المرأة من قيادة السيارة.
إن القول بأنه لا يوجد فى المملكة قانون يمنع المرأة من القيادة، هو وإن كان صحيحا، إلا أنه غير دقيق، فنحن جميعا نعرف أن أنظمة المرور لا تصدر رخص قيادة للسيدات. كما أن القول بأن قيادة المرأة للسيارة هى (قضية اجتماعية يتعين على المجتمع التعامل معها) يثير سؤالا تعجبيا، لم عُدت قيادة المرأة للسيارة قضية اجتماعية يرجع الحكم فيها لرأى المجتمع، واستثنيت من ذلك قضايا أخرى كثيرة، كمنح المرأة بطاقة هوية مستقلة، وابتعاث الفتيات للدراسة خارج المملكة، وفتح مجالات العمل المختلفة للنساء، وعمل المرأة مذيعة ومقدمة برامج فى الفضائيات، وفى عضوية مجالس الغرف التجارية، والمجالس البلدية، ومجلس الشورى، وغير ذلك من الأبواب الجديدة التى فتحت للمرأة؟ إن جميع هذه القضايا بت فيها دون انتظار لرأى المجتمع.
الأمر الآخر، كيف أمكن معرفة رأى المجتمع؟ ما هى الأداة المستخدمة فى قياسه؟ نحن فى إدارتنا الاجتماعية لا نطبق نظام التصويت فيما نتخذه من أنظمة وقرارات، وإنما تصدر القرارات وفق اجتهادات المسئولين وما يرونه هم فى صالح المجتمع.
من المسلم به، أن هناك من أبناء المجتمع من يعارضون قيادة المرأة للسيارة لأسباب مقنعة لهم، ولكن ما ذنب الفريق الآخر غير المعارض، كى يحرم من الحصول على ما يريد؟ لمَ يعلو صوت الرافضين على صوت غيرهم؟ خاصة أن الفسح للمرأة بالقيادة لا يعنى إلزام جميع النساء بممارسة القيادة، بإمكان من يكره فعل ذلك ألا يفعله.
إن تشبث المرور بعدم إعطاء المرأة رخصة قيادة، يعد تشبثا بنظام مدنى لا أساس له من دين، ولا ضرورة نفعية تفرضه، وفى الوقت نفسه يبدو شاذا غريبا، فالمملكة هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تحظر على النساء قيادة السيارة، وذلك يسبب لها إحراجا فى المحافل الدولية عندما يطرح مثل هذا السؤال الذى طرحته تلك المرأة، وفيه ما فيه من إساءة لصورة المملكة الحضارية فى الخارج، حيث لا يفهم من الحظر إلا أنه صورة من صور قمع المرأة، ليس إلا.
حظر قيادة السيارة على النساء، قد يراه بعض الناس أمرا هامشيا، إلا أن له من قوة التأثير الإعلامى ما يجعله قادرا على طمس كل ما بذلته وتبذله المملكة من جهود فى دعم المرأة وتمكينها، حتى لا تغيب كل صور التقدم التى حققتها المرأة فى التعليم والعمل وعدالة الفرص الاجتماعية وغيرها، وتبقى صورة القمع والتسلط وحدها.

عزيزة المانع
التعليقات