عن الحب الذى غاب عنا - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 7:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن الحب الذى غاب عنا

نشر فى : الإثنين 2 نوفمبر 2015 - 10:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 نوفمبر 2015 - 10:15 ص

لم أشأ أن أزيد أوجاعك اليوم بالحديث عن الأزمة الاقتصادية، التى يئن جميعنا تحت وطأتها، ولا عن تلك الانتخابات التى تم هندستها وراثيا، لإنتاج أعتى سلالات الفلول، ولا عن «ريهام سعيد»، وأخواتها، من اللاتى صرفن خصيصا لصرف أنظارنا عن قضايانا الملحة.
سأحدثكم اليوم عن «الحب»، وهو موضوع يمس جوهر قضايانا الملحة التى أشرت إليها توا، بل إننى أتجاسر على القول بأن جزءا كبيرا من مشكلاتنا قد تفاقم بسبب غياب هذا «الحب» عن حياتنا الخاصة والعامة على السواء.
فعندما غاب الحب ومعانيه السامية والراقية عن قطاعات واسعة من الشباب، ظهر التحرش فى الشوارع والميادين؛ فهذا الشاب الذى لا يجد حرجا فى تعرية فتاة، أو لا يجد غضاضة فى أن يمد يده عليها، لم يصادف الحب فى حياته، لم يخفق قلبه قط.. لم يذُب من نظرة عين.. أو سحر ابتسامة.. لم يلتع قلبه من أثر تنهيدة.. لم يجرب أن يرى العالم بمنظور المحبين.. لو عرف فى حياته معنى من هذه المعانى؛ لارتقى وجدانه، وتهذبت نفسه، وما تعدى على الحرمات فى الميادين.
أعرف أن الحب بمعناه المحلق الذى أتحدث عنه يحتاج إلى شقة يسكن فيها، وإلى وظيفة يعيش منها، وإلى مجتمع يتساهل فى نفقات الزواج، كى يتم جمع الشمل، لكن على مر السنين وهذه المشكلات موجودة؛ فالحب غير القادر على اجتياز العقبات، هو حب «فالصو»، ليس حقيقيا، يسقط فى أول اختبار، ويصبح هشيما تزروه الرياح مع أول عاصفة.
كثيرا ما تدور أحاديث بينى وبعض الشباب حديثى التخرج حول هذا الموضوع، فيكون الشاب منهم فى غاية الإحباط، من تلك التى تركته وارتمت فى أحضان أول «جاهز» يطرق الباب، أبشره دوما بأنها الخاسرة، فإن كانت قد أحبتك فعلا؛ فستدفع ثمن عدم دفاعها عن حبها طيلة حياتها.. ستظل شبحا ينغص عليها أيامها.. وإذا لم تكن تحبك فمن الأفضل لك أنها ابتعدت عن طريقك.. والحياة فيها متسع للجميع.. سترى غيرها.. وستحب أفضل منها.. فنحن لا نمتنع عن أكل البرتقال لمجرد أننا رأينا واحدة منه مليئة بالدود.
وفى مقابل تلك التى سقطت فى أول اختبار هناك من تواصل الليل بالنهار فى العمل مع من اختاره قلبها، تدوس على الصعب لأجل أن تفوز بحبها؛ مهما كلفها ذلك من مشاق، انظر حولك ستجد العديد من هذه النماذج الناجحة على قلتها.. لكنها فى نهاية المطاف ستعطيك أملا فى أن الحب باق وموجود، ويستحق التضحية لأجله.
غاب الحب عن حياتنا فازدادت قبحا.. وبغضا.. انظر إلى انتاجنا الغنائى وكيف صار ركيكا.. يصم الآذان.. انظر إلى أفلامنا التى انحدرت من أيقونات فى الفن والإبداع من عينة «رد قلبى»، «نهر الحب»، «بين الأطلال»، «الوسادة الخالية»، و«حبيبى دائما»، إلى أفلام لا تمجد إلا البلطجية والنهود العارية والبطون المهتزة والألفاظ القبيحة.
غاب الحب عن علاقاتنا العائلية فعمت الشحناء معظم أسرنا.. فكم من شاب يقاطع أباه، وكم من أخ يحقد على أخيه، لمجرد عرض دنيوى زائل يسمى «الميراث». أعرف الكثير من الأسر التى تتمنى لو أن الوالدين لم يتركا لهم شيئا بعد ضياع أعمارهم فى النيابات والمحاكم!.
غاب الحب عن فضائنا العام فحلت الكراهية والعنف، صار التخوين واتهامات العمالة والانتماء للطابور الخامس وبيع القضية تهما جاهزة للمخالفين فى الرأى. غاب الحب فباتت بلادنا أرضا خصبة للتعصب والتطرف والإرهاب والجمود، فلا إبداع من دون تعدد، ولا رقى من دون جهد الجميع.. المؤيد والمعارض.
أخشى أن أكون قد أثقلت عليك.. لكن لى كلمة أخيرة: بعد غد، ستحل ذكرى «عيد الحب المصرى»، تلك المناسبة دعا إليها الكاتب الكبير مصطفى أمين، سنة 1988م، لعلها تكون مناسبة لأن تبادر بالاتصال بعزيز عليك.. فرق بينكم عارض من سوء فهم.. أو باعدت بينكم شواغل الحياة.. إذا لم تستطع.. ارسل له باقة ورد.. وسترى النتيجة!

التعليقات