لماذا يحتاج الاتحاد الإفريقى إلى إثيوبيا مستقرة؟

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأحد 25 مارس 2018 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للكاتبة « ليزيل لاو فاودران» ــ المستشار بالمؤسسة ــ، تتناول فيه أهمية إثيوبيا بالنسبة للاتحاد الإفريقى ومن ثم الاهتمام باستقرارها خاصة بعدما اندلعت الاحتجاجات فى البلاد. وترجع أهميتها إلى كونها المقر الرئيسى للاتحاد الإفريقى، بالإضافة إلى أنها لاعب رئيس فى منطقة القرن الإفريقى، وتعد من أكبر المساهمين فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى.

بداية، ذكرت الكاتبة أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى «موسى فكى محمد» أعلن عن تقديم المساعدات إلى الحكومة الإثيوبية أثناء الاضطرابات السياسية التى اندلعت فى البلاد. قررت الحكومة إطلاق سراح العديد من المحتجين الذين تم اعتقالهم أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وعلى الرغم من ذلك ما زالت الاضطرابات مستمرة فى أنحاء عديدة من البلاد.
وفى بيان صدر عقب استقالة رئيس الوزراء الإثيوبى «هايلى ماريام ديسالين» نهاية الشهر الماضى، أعرب موسى فكى عن استعداد الاتحاد الافريقى لتقديم المساعدات لإثيوبيا، لمواجهة التحديات التى تنشأ مع أى محاولة لتعميق الديمقراطية والدفع بالتنمية. كما التقى «موسى فكى» مع «ديسالين» بعد استقالته. وليس غريبا أن يشعر «موسى فكى» بالقلق إزاء الأزمة فى إثيوبيا، فالاتحاد الإفريقى ــ ومقره أديس أبابا ــ شدد على استقرار إثيوبيا. وحتى هذه اللحظة، ظل الاتحاد الافريقى ومعظم أعضاء السلك الدبلوماسى ملتزمين الصمت حول الوضع السياسى فى البلاد.
ومن الجدير بالذكر أن إثيوبيا تحتل موقعا استراتيجيا هاما كدولة مضيفة للاتحاد الافريقى وكونها الدولة القوية والمتماسكة بين عدد من الدول الافريقية غير المستقرة. بالإضافة إلى أنها حليف رئيسى للاتحاد الأوروبى حيث تلعب دورا مهما فى منع تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا.
***

تزداد أهمية إثيوبيا فى وجود نحو 2000 شخص يعملون لدى مفوضية الاتحاد الافريقى فى أديس أبابا. وبصرف النظر عن العديد من مكاتب الأمم المتحدة ــ بما فى ذلك مقر اللجنة الاقتصادية لافريقيا التابعة للأمم المتحدة ــ يوجد أكثر من 100 سفارة فى المدينة. هذا الوجود الدولى الكبير يخلق وظائف للكثير من الإثيوبيين، كما يسهم فى النمو الاقتصادى فى المدينة التى يصل عدد سكانها إلى خمسة ملايين نسمة. وتستضيف أديس أبابا ــ مرة على الأقل من كل عام ــ قمة الاتحاد الإفريقى الرئيسية بحضور العشرات من رؤساء الدول وكبار الشخصيات.
على الرغم من القيود المفروضة على حرية الرأى والتعبير وعدم وجود مشاركة حقيقية للمعارضة فى الحكومة إلا أن الاتحاد الافريقى والوفود الزائرة يشيدان بالأمن فى البلاد. ويفسر البعض وجود إجراءات أمنية قوية بأن إثيوبيا بلد متاخم للعديد من الدول المليئة بالصراعات مثل الصومال وجنوب السودان.

على الأقل حتى الآن، لا يشكك أحد فى وضع أديس أبابا كمقر للمنظمة القارية الوحيدة فى إفريقيا. ويرجع هذا ــ إلى حد كبير ــ إلى بعد نظر الزعيم السابق لإثيوبيا «هيلا سيلاسى» الذى جمع الرؤساء الأفارقة من جميع أنحاء القارة إلى الاجتماع الأول لمنظمة الوحدة الإفريقية فى أديس أبابا فى عام 1963.

تدعى إثيوبيا أنها الدولة الإفريقية الوحيدة التى لم تستعمر أبدا، ولها تاريخ مشرف يعود إلى زمن الإمبراطوريات الحبشية. فى عامى 2000 و2001، حتى أنه عندما عقدت مناقشات حول تشكيل الاتحاد الإفريقى، كان هناك شبه إجماع على أن تكون إثيوبيا هى مقر الاتحاد.

***

تضيف الكاتبة أن هناك عددا من هياكل الاتحاد الافريقى خارج إثيوبيا. فعلى سبيل المثال يقع كل من البرلمان الإفريقى، وأمانتى آلية مراجعة النظراء الافريقية والشراكة الجديدة من أجل التنمية ومقرهم جنوب إفريقيا. والمحكمة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومقرها جامبيا؛ والمركز الافريقى للدراسات والأبحاث حول الإرهاب فى الجزائر. لكن إثيوبيا أصرت على الحفاظ على مقر المنظمة فى أديس أبابا.

وإلى جانب كونها المقر الرئيسى لمنظمة الوحدة الافريقية، فإن إثيوبيا هى أيضا لاعب رئيس فى منطقة القرن الإفريقى نظرا لدورها العسكرى القوى فى المنطقة، واستضافت ما يقرب من 850 ألف لاجئ، معظمهم من جنوب السودان والصومال والسودان وإريتريا. كما تعد إثيوبيا واحدة من أكبر المساهمين فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقى، ولا سيما فى أبيى (على الحدود مع السودان وجنوب السودان)، ودارفور، وجنوب السودان، والصومال.
ازدادت مكانة إثيوبيا فى القارة خلال العقدين الماضيين، وخاصة خلال حكومة رئيس الوزراء السابق «ميليس زيناوى»، بسبب ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى والسياسات الموجهة نحو التنمية. ومع هذا العدد الكبير من السكان البالغ عددهم 102 مليون نسمة، ومعظمهم من الشباب، فإن خطر عدم الاستقرار السياسى ظل مطروحا منذ ذلك الوقت.

من الجدير بالذكر أن معدلات النمو المرتفعة التى حققتها إثيوبيا فى السنوات القليلة الماضية لم يشارك فيها جميع الإثيوبيين، مما خلق توترا بين بعض قطاعات السكان المختلفة. وفى تقرير نشر فى مايو العام الماضى جاء فيه: «عند مقارنة الوضع الحالى لإثيوبيا بالماضى، فإن إثيوبيا فى عام 2017 هى أكثر دولة مستقرة، بل يمكننا القول إن المنطقة أصبحت تميل إلى تحقيق الاستقرار، بما فى ذلك الصومال. ومع ذلك، فإن ماضى إثيوبيا العنيف، ومستويات التنمية المنخفضة نسبيا، ونمط النظام المختلط، وزيادة نسبة الشباب يعنى أن خطر حدوث تمزق عنيف مستقبلى ما زال مطروحا».

***

إن استقالة «ديسالين» وإعلان حالة الطوارئ للمرة الثانية منذ عام 2016 يخلق حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل القريب للبلاد. وقال ديسالين: «إنه استقال من أجل العملية السياسية، التى بدأت بتحرير السجناء السياسيين، لكى تأخذ مجراها».

وبناء على طلب من رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى السابقة

«نكوسازانا دلامينى زوما»، تم رفع الحظر المؤقت على الدبلوماسيين المسافرين خارج أديس أبابا بموجب حالة الطوارئ السابقة. ولم تتم إعادة تطبيق هذا الحظر فى ظل حالة الطوارئ الحالية، ولكن بعض السفارات ما زالت لا تشجع موظفيها على السفر خارج العاصمة.
ما الذى يمكن أن يفعله الاتحاد الافريقى للمساعدة فى التخفيف من مخاطر عدم الاستقرار له ولبلده المضيف؟ على ما يبدو ليس كثيرا. وقال موسى فكى فى بيانه: «إنه يتطلع إلى تعزيز خطوات الرد على المخاوف التى عبرت عنها الشرائح المختلفة من السكان بالحوار والتسامح المتبادل والالتزام بمصالح إثيوبيا العليا التى تتجاوز كل المصالح السياسية وغيرها من الاختلافات».

يتفق المحللون على أن إثيوبيا أقل عرضة للتدخل الخارجى فى شئونها الداخلية من العديد من البلدان الإفريقية الأخرى. لا يبدو أن مشاركة الاتحاد الإفريقى فى الوضع السياسى الداخلى لإثيوبيا محتملة. ولم يجر قط أى مناقشة حول الوضع فى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى المؤلف من 15 دولة والذى يتعامل مع الصراعات فى القارة.

وتختتم الكاتبة بأن الوجود الكبير للاتحاد الافريقى والمنظمات الدولية يبقى إثيوبيا وعاصمتها أديس أبابا فى دائرة الضوء. كما أن الاتحاد الافريقى مهم أيضا بالنسبة لإثيوبيا، نظرا لمساهمته فى توفير فرص العمل والفرص الاقتصادية فى أديس أبابا. وبهذا المعنى، يمكننا القول إن وجود الاتحاد الإفريقى هو بمثابة عامل من عوامل تحقيق الاستقرار فى وضع معقد للغاية.

-إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved