أى جدول أعمال لمؤتمر القمة العربى القادم؟

علي محمد فخرو
علي محمد فخرو

آخر تحديث: الأربعاء 19 أكتوبر 2022 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

سيجتمع فى الشهر القادم رؤساء الأقطار العربية فى مؤتمر قمة جديد فى الجزائر، فهل سيعكس واضعو جدول الأعمال نبض الشارع العربى، ومتطلبات المشهد العربى الجماعى الحالى، وتعقيدات العصر الذى نعيش، لمناقشة القضايا المحورية الجوهرية، وليس القضايا الهامشية المظهرية العابرة؟ بل هل سيعى القادة المجتمعون ثقل المسئوليات الملقاة على عاتقهم ويأخذون المواقف والقرارات الحكيمة الشجاعة المستقلة عن كل تدخل خارجى، والتى تحتم أخذها ظروف الوطن العربى كله، ولا تستثنى أحدا؟
هناك أربعة عناوين رئيسية تحتاج لمناقشتها بعمق ومسئولية واتخاذ قرارات قومية ملتزمة لمواجهتها.
أولا، هناك الاستباحة المخجلة الخطرة من قبل بعض الدول والكيانات الإقليمية غير العربية لثروات الوطن العربى ولاستقلاله الوطنى والقومى ولأمنه الداخلى ولكل مكونات ثقافة شعوبه. وتأخذ تلك الاستباحة أشكالا لا تحصى من الابتزازات الاقتصادية والمالية، ومن إذكاء الصراعات الطائفية، ومن مساعدات مبطنة مالية ولوجيستية للجماعات الإرهابية المجنونة، ومن تأجيج لحملات إعلامية مركزة واستعمالات خبيثة لوسائل التواصل موجهة للداخل ليس بقصد حل مشاكله وإنما بقصد تمزيقه وإدخاله فى دوامة خلافات ومماحكات لا تنتهى.
سنحتاج إلى إعطاء أولوية قصوى لمواجهة الاستباحات الأمريكية والإقليمية والصهيونية التابعة لها، وأولوية قومية لمساندة معنوية ومالية ولوجيستية لأى قطر أو نظام أو شعب عربى يقف فى وجه تلك الاستباحات.
ثانيا، هناك صور الضعف الشديد والعلل الكثيرة التى حلت بالنظام الإقليمى العربى القومى، وفى مقدمتها التكالب الخبيث لإضعاف الجامعة العربية وتمزيق التكتلات الوحدوية الجزئية من مثل مجلس التعاون الخليجى أو الاتحاد العربى المغاربى. لا بد هنا من إصلاحات للبعض، ومحاولات جادة لمنع الانقسامات العبثية بين البعض الآخر، ودعم حقيقى لكل خطوة وحدوية، جزئية أو شاملة، رسمية أو مدنية. ومن أجل القيام بذلك يحتاج المؤتمرون لأفكار علماء السياسة والاجتماع والاقتصاد ولبحوث مراكز متخصصة ليقدموا مقترحات علمية موضوعية عقلانية محددة.
لقد نجحت قوى الاستعمار وبعض قوى الداخل فى تمزيق أفكار ومؤسسات العمل القومى الواحد وحفر ثغرات فى جميعها، مما يستدعى عملا جماعيا لإبطال تلك النجاحات التى تريد إبقاء هذه الأمة ضعيفة وخارج التاريخ والعصر.
ثالثا، هناك المطالب الإنسانية الديمقراطية والمعيشية العادلة التى طرحتها الملايين من أفراد الشعوب العربية إبان الحركات الجماهيرية الأخيرة. ستكون كارثة لو تعامل القادة مع تلك الشعارات كظاهرة مؤقتة عابرة. إن مطالب من مثل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تكون عابرة ويحتاج القادة المجتمعون أن يتباحثوا بشأن التعامل معها بعقلانية وروح إنسانية مسئولة وبتعاون وتكاتف حتى لا تنفجر فى وجه الجميع فى المستقبل وحتى لا يستعملها، من لا يريدون الخير لهذه الأمة، كنشاطات مبعثرة تائهة تمنع انتقال المجتمعات العربية بصورة سلمية إلى ديموقراطية سياسية واقتصادية عادلة.
رابعا، هناك تراجع كبير فى قيم وأخلاقيات وعلاقات البشر بسبب تراجعات كبرى فى حضارة الغرب المهيمنة على العالم. هذا موضوع له انعكاساته وتأثيراته الكبيرة على الأمة العربية أيضا. ولأهميته وتعقيداته سنحتاج لمقال خاص به فى الأيام القليلة القادمة.
تحت كل بند من البنود الأربعة هناك العشرات من التفاصيل والأمثلة. من هنا حاجة المجتمعين للاستعانة بآراء وعلم الخبراء والأخصائيين وأصحاب الحكمة لمواجهة تلك التفاصيل.
مفكر عربى من البحرين

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved