مكافحة الإرهاب فى إفريقيا تحتاج إلى التكيف مع حقائق جديدة

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأحد 8 نوفمبر 2020 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

نشر معهد The Institute for Security Studies مقالا للكاتبة Shewit Woldemichael، تتناول فيه اقتراح الاتحاد الإفريقى إنشاء وحدة لمكافحة الإرهاب، بحيث تكون تابعة للقوة الأفريقية للتدخل السريع ومدى جدوى هذه الوحدة.. نعرض منه ما يلى.

شهدت أفريقيا 1168 هجمة إرهابية فى الفترة من يناير إلى أغسطس 2020 ــ بزيادة 18٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2019 (982 حادثة). وبعد سنوات من نشر العديد من عمليات مكافحة الإرهاب، بما فى ذلك بعثة الاتحاد الإفريقى فى الصومال (AMISOM)، وقوة العمل المشتركة متعددة الجنسيات (MNJTF) ضد بوكو حرام بجانب العديد من البعثات غير الأفريقية، ومع ذلك لم تقترب القارة من هزيمة التطرف العنيف أو حتى احتوائه.
انتشرت العمليات الإرهابية ووصلت إلى مناطق مثل منطقة البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا، وإلى دول مثل موزمبيق والدول الساحلية فى غرب أفريقيا. وأصبحت الجماعات المتطرفة قادرة على شن الهجمات العسكرية على نحو متزايد. ساعدهم على ذلك قدرتهم على تمويل عملياتهم من الشبكات الدولية غير المشروعة والجرائم العابرة للحدود الوطنية مثل القرصنة وأنشطة المرتزقة، إلى جانب الاتجار بالبشر والسلع المزيفة والمخدرات والأسلحة النارية والموارد الطبيعية.
فى بعض الحالات، يشنون عملياتهم المتطرفة مستفيدين من عدم الاستقرار فى بعض المناطق. حيث تصبح مهمتهم أسهل عندما تفتقر الدولة إلى مؤسسات أمنية قوية، وحوكمة رشيدة، وفرض سيطرة كاملة على جميع أنحاء البلاد. عامل آخر يستفيدون منه هو عودة المقاتلين الأجانب إلى هذه المناطق وذلك بعد سقوط تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا.
لذلك يستدعى التهديد المتزايد الذى يشكله التطرف العنيف، فى جميع أنحاء أفريقيا، الحاجة إلى إعادة النظر فى الاستجابات القارية الحالية. وفعلا، وجه رؤساء الدول الأفريقية، فى قمة الاتحاد الإفريقى فى فبراير 2020، مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى بالنظر فى تشكيل وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الأفريقية للتدخل السريع (ASF).
وناقش مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى الاقتراح فى 28 أكتوبر. وأقر الأعضاء بأن التطرف العنيف أصبح يشكل خطرا ــ على مستوى القارة ــ ويتطلب تعزيز استجابات أفريقيا. لكن المجلس لم يتفق على ما إذا كانت وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للقوة الأفريقية للتدخل السريع هى أفضل استجابة أم لا.
إلا أن وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لـ «ASF» يمكن أن تساعد فى تبسيط الطبيعة الخاصة للمهام الحالية والتى تقوم بها بعض الدول الأفريقية فى استجابتها للتهديدات الإرهابية.
على أى حال، تم تشكيل فريق عمل يضم جميع الأطراف المعنية لمكافحة الإرهاب بما فى ذلك لجنة الأركان العسكرية لمجلس السلم والأمن والهيئات الإقليمية ووكالات التعاون الأمنى التابعة للاتحاد الإفريقى. وسيقوم الفريق بتقييم الآثار الفنية والهيكلية والعقائدية والمالية للوحدة المقترحة وتقديم مقترحات إلى مجلس السلم والأمن فى الأشهر الستة المقبلة. كما ستساهم اللجنة الفنية المتخصصة فى الدفاع والسلام والأمن التابعة للاتحاد الإفريقى فى عمل هذا الفريق.
***
على أفريقيا أن توسع من ردها على الإرهاب بحيث لا يشمل التركيز على المواجهة العسكرية فقط بل يمتد إلى اتخاذ تدابير وقائية تستهدف الظروف والأسباب الأساسية التى تقف وراء التطرف والعنف.
كما يجب أن يصادق مجلس السلم والأمن على تعديل تعريف عمليات دعم السلام والذى يخضع حاليًا للمراجعة قبل عقد قمة الاتحاد الإفريقى فى فبراير 2021. ستؤكد هذه المصادقة على أن العمليات متعددة الجنسيات والمتعددة الأبعاد المصرح بها أو المصدق عليها من الاتحاد الإفريقى يتم نشرها لاستعادة أو الحفاظ على السلام. وإذا تم اعتماد هذا التعريف، فستتمكن بعثات مكافحة الإرهاب، التى تقودها أفريقيا، من الحصول على تمويل من صندوق السلام (منظمة غير ربحية تهدف إلى منع الصراعات العنيفة).
ومع ذلك يعتقد بعض أعضاء مجلس السلم والأمن الإفريقى أن الوحدة المقترحة مجرد حشو. ويرجع ذلك إلى أن القوة الأفريقية للتدخل السريع ASF تتمتع بقدرات متعددة للرد على التطرف العنيف.
كما يشكك الخبراء فى مزايا إنشاء وحدة إضافية لمكافحة الإرهاب فى أفريقيا، ويدعون إلى إخضاع الوحدات القائمة للمساءلة. وانتقد آخرون عدم وجود مشاورات إقليمية قبل مناقشة الاقتراح فى مجلس السلم والأمن، حيث أن كل هيئة إقليمية قد أنشأت بالفعل وحدة لمكافحة الإرهاب. وترجع خشية بعض الدول من انتشار وحدات مكافحة الإرهاب فى القارة من أن هذه الوحدات تنشؤها منظمات خارج القارة وقد تنتشر قواتها فى مناطق مجاورة لها وبالتالى لا تكون لها سيطرة مباشرة عليها.
***
على الرغم من تبنى الاتحاد الإفريقى تعريفًا عامًا للإرهاب، إلا أن ما يوصف بـ «التهديد الإرهابى» يتم التعبير عنه بشكل مختلف من قبل الدول الأعضاء. وهذا يشكل عقبة رئيسية فى تقرير متى يمكن الاستعانة بقوات التدخل السريع من عدمه.
وللوصول إلى توافق فى الآراء بشأن الوحدة المقترحة فى إطار ASF، يجب على مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى الموافقة على مشروع قرار الأمم المتحدة (UN) والمتعلق بالمساهمات المقدرة من قبل الأمم المتحدة. كما يجب أن يقرر أيضًا أنواع التدخلات التى سيمولها صندوق السلام.
تقول أنيت ليجينار، رئيسة عمليات السلام وبناء السلام فى معهد الدراسات الأمنية، إن الترتيبات والإجراءات المتبعة فى مواجهة التهديد الإرهابى فى المناطق الجغرافية التى تعانى من العمليات المتطرفة حازمة وقوية. وأضافت أنه يمكن للمجلس الإفريقى أيضًا تلقى تمويل من الاتحاد الأوروبى وشركاء آخرين، وهذه تعد خطوة أقل تعقيدًا من الحصول على الدعم المالى من الأمم المتحدة.
فهناك خلاف بين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الإفريقى بشأن تفويض البعثات مثل بعثة الاتحاد الإفريقى فى الصومال. ففى حين أن الاتحاد الإفريقى قد منح البعثة، بموجب أحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، تفويضًا سياسيًا، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يعترف بذلك، هذا بالإضافة إلى اختلافهم حول تعريف عمليات دعم السلام.
ختاما، إذا صادق مجلس السلم والأمن الإفريقى على اقتراح تشكيل وحدة لمكافحة الإرهاب فى إطار القوة الأفريقية للتدخل السريع ASF، فسيتعين عليه التفاوض على نطاق واسع مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لحل التباين العقائدى الكبير المتعلق بعمليات دعم السلام ونشرها لمكافحة الإرهاب، ومن أجل الحصول على دعم مالى من الأمم المتحدة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved