صرخة عمرو موسى

خالد أبو بكر
خالد أبو بكر

آخر تحديث: الأربعاء 9 يناير 2019 - 9:30 ص بتوقيت القاهرة

(1)

تضغط إسرائيل بكل ما أوتيت من جهد لاستثمار هذه اللحظة التاريخية من الضعف العربى، المتزامن مع اندفاع عربى محموم للتطبيع المجانى مع تل أبيب، وهو الذى شجعها على العمل بقوة على تحقيق أحلام كانت تبدو بعيدة المنال حتى الأمس القريب. 
ففى 6 ديسمبر 2017 أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس المحتلة، ما يعنى ضياع الحق العربى فى هذه المدينة المقدسة إلى الأبد، ورغم المقاومة العربية الخجولة، ورغم التعاطف النسبى من الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الحق الفلسطينى فإن إسرائيل ربحت بمجموع النقاط؛ فأصبح ما كان محظورا مجرد البوح به فى المحافل الدولية مباحا ويجد قوى كبرى تؤيده، وبين الفينة والأخرى تعلن دولة هنا أو هناك عن رغبتها فى السير على خطى واشنطن.
قبل أن نفيق من القرار الأمريكى فيما يخص القدس.. انتقلت إسرائيل لتنفيذ مهمتها التالية فى تهيئة الرأى العام العالمى لتقبل فكرة ضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة إلى أراضيها، مستغلة فى ذلك ما آلت إليه الأوضاع فى هذا البلد العربى الذى يشهد منذ 2011 حربا أهلية وإقليمية ودولية على أراضيه.
منذ أكتوبر الماضى لم يترك رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو فرصة إلا ويتحدث فيها عن الأهمية الاستراتيجية لهضبة الجولان للأمن الإسرائيلى، وضرورة إنهاء وضعها القانونى بوصفها أرضا محتلة، وضمها إلى إسرائيل.


(2)

هذا التحرك الإسرائيلى إزاء الجولان دعا السيد عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية لإطلاق صرخة أو «نداء إلى من يهمه الأمر» وحدد عنوان من يهمه الأمر بأنه «كل العرب»، عبر مقال نشرته الزميلة «الشرق الأوسط» اللندنية الخميس الماضى، طالب فيه الحكومة السورية «مع ظروفها الصعبة، ألا تخشى شيئا فى طريق الحفاظ على أراضيها وسيادتها أمام هذا التحدى الخطير، وأن تُبلغ الأمر فورا إلى مجلس الأمن طالبة دعمه فى استمرار اعتبار الجولان السورى أرضا محتلة».
وطالب الدول العربية بأن تدعم سوريا فى طلبها هذا، بل وتشجعها عليه، وأن يكون الطرح أمام مجلس الأمن عربيا كاملا» معتبرا أن «قيام سوريا بهذه الخطوة أهم من عودتها إلى الجامعة العربية، بل سيكون مقدمة قوية لهذه العودة».
ودعا موسى «الدول العربية، وكلها لها سفارات عالية المستوى فى واشنطن، أن تشحذ همتها الجماعية وأن تشكل «لوبيا» نشيطا دفاعا عن وحدة أراضى سوريا، يعيد لها موقفا سياسيا ذا مصداقية لدى مضيفيها، ولتطمئن، فإن الخطوة الأمريكية غير قانونية بالمرة، ولا مبرر مقنعا بها يقف على أرضية تجعلنا نقبل صامتين صاغرين».
وشدد على أن الحفاظ على الجولان مصلحة استراتيجية عربية، إن نجحنا فيه، فإنه يضفى مصداقية كبيرة يستفيد منها الجميع. مشيرا إلى أننا أمام ظلم (آخر) واضح وفى مواجهة موقف خاطئ، يجب أن نقف لتصحيحه قبل أن يصبح واقعا نندم عليه وندفع ثمنه. وطالب موسى روسيا بموقف حازم إزاء هذا التطور الخطير بالنسبة إلى الجولان.


(3)

الرد على صرخة عمرو موسى لاستنهاض الهمم العربية لمنع ضم الجولان إلى إسرائيل جاء سريعا، لكنه ليس من العرب الذين وجه إليهم نداءه، بل جاء على لسان نتنياهو مساء الأحد الماضى خلال لقائه بمستشار الأمن القومى الأمريكى، جون بولتون، حيث جدد رئيس الوزراء الإسرائيلى دعوته الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
وقال نتنياهو موجها حديثه إلى بولتون إن «مرتفعات الجولان مهمة للغاية لأمننا، وأعتقد أنك عندما تزورها ستستطيع أن تفهم تماما لماذا لن نغادر أبدا مرتفعات الجولان.. ولماذا من المهم أن تعترف جميع الدول بسيادة إسرائيل عليها». وأضاف «لقد ناقشت هذه المسألة مع الرئيس ترامب».
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه يجب على واشنطن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلة، بالتزامن مع قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا.


(4)

لم أجد أفضل من أبيات عمرو بن معد الزبيدى، لتعبر عن الموقف العربى الراهن، تجاه القدس والجولان وكل القضايا العربية، التى لم تعد «مصيرية» كما كنا نصفها فى السابق.
لقد أسمعت لو ناديت حيـا
ولكن لا حياة لمـن تنـادى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved