التحرش الجنسى.. المانشيتات ليست كافية

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الأربعاء 6 ديسمبر 2017 - 11:00 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة «U.S News & World Report» مقالا للكاتبة «نيكول هيمير» ــ محررة رأى فى مجلة U.S News وأستاذة مساعدة فى مركز ميلر للشئون العامة ــ والذى يعرض جريمة التحرش الجنسى، وعدم وجود قوانين وسياسات رادعة للحد من تلك الجريمة، بالإضافة إلى وجود ارتباط الحديث عن تلك الجريمة وكون الجناة رجالا مشهورين وفى مواقع سلطة، على عكس الحال عندما يكون الجناة رجالا لا يملكون أى سلطة ولا قوة إلا على ضحاياهم.
«جلين ثروش» من جريدة نيويورك تايمز، و«جون كونيرز» من مجلس النواب، و«تشارلى روز» من سى بى إس.. فى هذا الأسبوع واجه الرجال الثلاثة ادعاءات جديدة بسبب سلوكهم الجنسى، ولا شك فى أن الكثير سوف يأتى تباعا.
الفضائح تظهر شخصيات المشهورة فى مجال الإعلام والصحافة والسياسة وتورط رؤساء استديوهات، وقائمة من نجوم هوليود، وأعضاء الكونجرس، وثلاثة من الرؤساء الخمسة الأخيرين، وهؤلاء الرجال المتورطون فقدوا وظائفهم، وعقود أفلامهم، وعروض كتبهم بالإضافة إلى مسلسلاتهم التلفزيونية، وهذا قليل من كثير. 
وتأتى البقية، الجزء الخفى بعيدا عن الأنظار والذى يحتاج إلى مزيد من الاهتمام، الجناة من الرجال فى مواقع السلطة نراهم فى الصفحات الأولى فى نيويورك تايمز وواشنطن بوست، أما بالنسبة للغالبية العظمى من السيدات اللاتى يتعرضن للتحرش والاعتداء الجنسى؛ فالمانشيتات ليست هى الحل، إنهم يحتاجون لسياسات جديدة وإصلاح مؤسسى حقيقى وجاد.
ولقد لعبت الصحافة دورا مهما فى محاسبة أولئك المجرمين فى الأسابيع الأخيرة، ولكن القصص التى تم التعرض لها فى تلك اللحظات تشترك فى خصائص عامة ومنها: أنها تدور حول الرجال الأقوياء، وماذا يحدث عندما يكون الجناة غير مشهورين أو لا يكونون فى مواقع سلطة وعندما تكون القوة الوحيدة التى يمتلكونها هى قوتهم على ضحاياهم؟، والجانب الآخر من هذا السؤال هو: ماذا يحدث عندما تكون قصص النساء غير مجدية؟ فأقصى ما يستطعن فعله هو تكلفة طبيب أسنان أو مدير مركز وظيفته؟؟.
هذه الحوادث قد تجد طريقها فى الاهتمام من هنا أو من هناك، ولكنها بالفعل لن تخلق هذا النوع من المانشيتات والادعاءات ضد روى مور أو كيفين سبيسى.
يرى معظم السيدات أن الإجراءات السياسية والاقتصادية ضدهن، ومن ثم يرى معظمهن أنه من الأفضل تحويل الموقف بهدء، أو تغيير وظائفهن بدلا من أن ينتظرن الصحافة تدق أبوابهن، أو أن يتعرضن لخطر الطرد والفصل من وظائفهن.
هذا لا يعنى أن الصحافة ليس لها دور تقوم به، إنه فى الأشهر القادمة سيكون هناك بلا شك نوع من الصحافة يركز بشكل أكبر على القصص العادية، بعض الصحفيين المخاطرين سوف يكتبون عن صاحب المتجر ذى السلوك السيئ، وآخر سوف يكشف عن الخادمة التى فقدت وظيفتها بسبب شكواها من التحرش، وسوف يتبع ذلك قصص سيدات أخريات يرغبن فى نشر قصصهن وتبادلها.
كل هذه القصص بشكل أو بآخر سوف تجد طريقها فى الظهور فى الأخبار، ولكن ملايين النساء فى أمريكا سوف يتعرضن للتحرش والاعتداء ولكنهن لن يظهرن فى تغطية فى جريدة نيوزويك.
بالنسبة للأفراد العاديين فإن الحلول أكثر تعقيدا من مجرد تسليط الضوء على الجناة ومن الواضح أن السياسات القائمة والنظم الموجودة للتعامل مع هذه الجريمة غير مناسبة، ومنذ أن أصبحت الدولة مهتمة بشكل عام بهذه القضية منذ 25 عام أصبحت هناك مؤسسات تدريبية وهياكل للإبلاغ عن مثل هذه الجرائم المشهورة فى أمريكا وإن لم تكن موجودة فى كل الأماكن، ولكن هذا النظام لا يوفر الحماية الكاملة ولا حتى العقاب المناسب وبالتأكيد هى غير كافية لتشجيع النساء المحفوفات بالخطر من التقدم.
نحن لا نحتاج فقط إلى سياسات وقوانين لمقاضاة الجناة وحماية الضحايا من الانتقام، ولكن هناك شيئا أكبر من ذلك بكثير وهو الحاجة إلى التغير فى الثقافة والسياسة وإعادة رسم حدود السلوك المقبول.
وإذا كان من الممكن تغيير طبيعة الكيفية التى تصنع بها الأفلام والقصص الجديدة والقوانين، وإذا كان من الممكن تغيير الفن والسياسة لكى تعكس قيمة الاستقلال الذاتى للمرأة ثم يأتى التغيير تباعا بعد ذلك، وهذا ليس خيالا أو سحرا ولكن من خلال الاهتمام بالأطر القانونية والهياكل المؤسسية والافتراضات الثقافية.
العقاب الذى ظهر فى الأسابيع الماضية كان مذهلا فى الحقيقة وكان مثيرا للمشاهدة، ولكنه لن يكتمل حتى يلمس حياة النساء بعيدا عن الرجال المشاهير. واللاتى يتعرضن لنفس ما تتعرض له النساء من مضايقات من قبل الرجال المشاهير، والذين يستحقون نفس القدر من الاهتمام والوصول إلى الإنصاف والعدالة. 
النص الأصلى

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved