هن أولا وإلا!!!!

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الأحد 6 أغسطس 2017 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

فى قاعة بأحد فنادق عمان اجتمعن، نساء فلسطينيات ورجال جاءوا جميعا من أجل قضية هى بالنسبة لهم على نفس درجة أهمية مواجهة ومحاربة الاحتلال بمختلف ممارساته. وكان المقدسيون والفلسطينيون قد انتصروا للتو على كل الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية فى القدس، فى معركة مستمرة وستبقى كذلك.. فى معركة سيبقى فيها الفلسطينيون وحدهم ــ نساء ورجالا وأطفالا وشيوخا ــ شامخين فى وجه الأسلحة الحديثة والعنف والقمع للمحتل. 

جاء الفلسطينيون من أرضهم ووطنهم المحتل وهو الاحتلال الأخير على وجه الأرض، اجتمعوا ليضعوا تصورا لمشروع يحسب الكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة أمر لم تقم به أى دولة عربية أخرى سوى مصر.. قالوا الكثير عنه ــ وبحماس شديد ليس ذلك بغريب على الفلسطينيين الصامدين ــ إنه يعد من أولويات عملهم.. هم لم يحسبوها كما العديد من الدول الأخرى ولم يتحججوا بأنهم يواجهون الاحتلال فلا وقت لقضايا العنف ضد المرأة؛ بل جاءوا بقناعة راسخة أنهم لن يستطيعوا أن يواجهوا الاحتلال الذى يمارس العنف والقمع اليومى عليهم دون مواجهة العنف بداخل المجتمع.

رصدوا الحالات المختلفة للعنف ضد النساء ووضعوا التصورات للمضى قدما فى خطوات لابد أن تضمن حماية المرأة من العنف بالمنزل وخارجه، لم ينقصهم الحماس رغم كل التحديات بل قاموا بتعرية كل تفاصيل مجتمعهم بأمراضه التى تتشابه مع مجتمعات عربية أخرى مع إضافة عنصر العنف الذى يعيشه الفلسطينيون بشكل يومى من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين.

***

فى ذات الوقت كانت نساء ورجال وأطفال أردنيون يخوضون معركة أخرى لإسقاط قانون آخر يسمح للمغتصب بأن يتزوج الضحية ويعفى من العقاب.. فتسقط الضحية مرتين وتنتهك وتغتصب مرات بإذن من الدولة والقانون الذين يحميان المعتدى بدل من حماية المعتدى عليها!!! أسقطن القانون فى الأردن وعلت الزغاريد فى كل بقعة من الأرض العربية ربما هذه تجر إسقاط مثل هذه القوانين فى دول عربية أخرى وكانت بعض الدول قد أسقطته فعلا.

فى عاصمة عربية أخرى كانت النساء تخضن تجربة أيضا وانتصرن فى تصويت للبرلمان التونسى على قانون يعرف العنف ضد المرأة ويجرمه وكان أحد المراكز البحثية قد سجل أن 47% من النساء التونسيات قد تعرضن لشكل من أشكال العنف الذى مورس عليهن. ويعنى هذا القانون أيضا وكما فى الأردن أن المغتصب لن يستطيع، بعد بدء سريان القانون، أن ينجو عبر الزواج من الضحية التى اغتصبها.

فى البرلمان التونسى قامت تلك بنثر الياسمين وأخرى وقفت لتصفق فيقف الآخرون واحدًا خلف الآخر ويزداد التصفيق فقد انتصرت المرأة فى معركة ولا تزال المعارك كثيرة إلا أنها قد تبدو الخطوة الأولى نحو إيقاف كم العنف الذى تتعرض له النساء تحت مسميات عدة وتبريرات واهية.

***

نساء هنا ونساء هناك، معهن بعض الرجال وكثير من الحماس والغضب.. ففيما ينغمس العالم فى متابعة «داعش» وأخبارها منددين بانتهاكات عناصرها خاصة ما يقومون به ضد النساء فى كل مدينة وقرية، راحت تلك النساء تحارب كل بطريقتها ضد كثيرمن الممارسات التى يستنكرها المجتمع عندما تنسب لـ«داعش» ولكنه لا يرى أنها تسكن فى داخل مجتمعاتنا بقوانينها وأنظمتها وعاداتها. 

الأسبوع الماضى شهد انتصارا للنساء العربيات فى الأردن وتونس ضد القوانين المجحفة بل المتخلفة والباقية تحت حجج أكثرها لا أساس له من الصحة ولا ذريعة لهم عندما يرددون أنها العادات والخصوصية العربية والثقافة ثم طبعا الدين حسب تفسيراتهم له.

كل هذه الخطوات قد تبدو بسيطة أو متواضعة أمام تحديات مجتمعاتنا إلا أنها قد تكون بدأت بإسقاط العبارات المتكررة سابقا التى كانت تردد بأنه علينا تحرير الأوطان أولا وتنمية المجتمعات ومحاربة البطالة والفقر والعوز وغيرها ثم إنصاف المرأة فقد اثبتت كل الدراسات أن للفقر وجه امرأة و كذلك للبطالة والعوز ودون الوقوف مع تمكين المرأة لا مجال لنهوض مجتمعاتنا التى تحارب انتهاكات «داعش» فيما لا تحارب ممارسات شبيهة بها فى مجتمعاتنا.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved